ى مشهد لافت للنظر يقع المركز الإسلامى بمدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا فى مواجهة ملهى لفتيات الاسترابتيز المعروف عنه تقديم عروض مثيرة لرواد تلك الأماكن بشارع ماركت أشهر شوارع المدينة، وفى حين يتجلى بوضوح للناظر الملهى بأضوائه وصور فتياته شبه العارية، يصعب التعرف بسهولة على أن المبنى المقابل للملهى مسجد أم لا، فلا مأذنة ولا أذان بل مجرد كلمات صغيرة على زجاج نافذة بالطابق الثالث تطل على الشارع الرئيسى تحمل عنوان "المركز الإسلامى بسان فرانسيسكو".




اليوم السابع التقى الشيخ خالد عليبه أمام المسجد (باكستانى الجنسية) الذى روى قصة نشأة هذا المركز رائع التصميم بهذا الموقع منذ شرائه عن طريق رجل أعمال فلسطينى من آخر يهودى أمريكى ونهاية بالتحديات التى تواجه المركز والجالية المسلمة عقب كل حادث يقوم به متطرف باسم الإسلام.


بداية أكد الشيخ خالد أن تواجد المسجد أمام هذا الملهى لا حرج فيه، لأن الإسلام جاء ليعلم الإنسان كيف يتحكم فى رغباته وغرائزه ومنحنا الله العقل لنميز الطيب من الردىء، ولم يأمرنا الإسلام بالعزلة أو العيش فى الصحراء بعيدا عن الآخرين بل أن نتعايش مع الناس على اختلاف ثقافتهم وعاداتهم ونضرب لهم المثل فى الالتزام بالأخلاق الحميدة والمعاملة الحسنة فالدين فى القلب والحرص على مراقبة الله وكلما زاد ضبط النفس كلما زاد الأجر.

أما عدم وجود مئذنة أو جهر بالأذان فيصفه الشيخ خالد بأن ذلك يأتى احتراما لمبدأ التنوع الثقافى الذى تقوم عليه أمريكا لما تضمه من أجناس وعرقيات مختلفة ومنعا للتمييز، ونحن فى بلاد غربية وعلينا أن نحترم قوانينها فى ظل ممارساتنا شعائرنا بحرية تامة، مضيفا أن ذلك يعد أحد دواعى الأمن فى ظل التحديات الكبيرة التى يتعرض لها العالم الإسلامى منذ أحداث 11 سبتمبر.


وعن قصة المسجد قال الشيخ خالد: قبل انتقالنا إلى هذا المكان فى عام 1991 كنا نصلى فى غرفة صغيرة ملحقة بجمعية للمهاجرين تابعة لدولة اليمن بشارع ترك تايلر بالمدينة ولم تكن تكفى ومع ازدياد أعداد المصلين خاصة فى صلاة الجمعة حاولنا الحصول على مكان أكبر ولم نجد إلا هذا المكان ولم يعنينا أمر هذا الملهى واستأجرنا المبنى بمبلغ 2000 دولار شهريا بدعم من رجل أعمال فلسطينى يدعى عهدى النشاشينى والمالك كان يهوديا أمريكيا يدعى ديفيد ليفى، وكان متعاونا بشكل كبير حيث كانت القيمة الإيجارية وقتها أضعاف ذلك، وفكرنا بعد ذلك فى شراء المبنى ليكون مركزا إسلاميا، وذلك فى أواخر عام 2000 بمبلغ 4 ملايين دولار، رغم أن المبنى كان يقدر وقتها وفقا لأسعار تلك الفترة بحوالى 6 ملايين دولار، إلا أن المالك قال لنا "طالما أنكم سوف تستخدمون المبنى فى العبادة فلن أجادل معكم فى السعر فأنا لا أريد أن يغضب الله منى"، وعلق الإمام قائلا: كان موقفا نبيلا منه فكما ترى المبنى فى موقع متميز ومساحته كبيرة حوالى 600 متر مربع ومكون من 3 طوابق، الأول أساس، والثانى للخدمات الاجتماعية مثل حفلات الزواج والتعليم والتدريب والتثقيف للجالية المسلمة وغير المسلمة والثالث مكتبة ومسجد للعبادة.


وأضاف الشيخ خالد بنبرة جادة أنه منذ أحداث 11 سبتمبر والجالية المسلمة تواجه صعوبات وتحديات كبيرة وأصبحنا كلنا كمسلمين محصورين فى أذهان الغرب فى شخص واحد هو أسامة بن لادن مشبوهين محكوم علينا بالإرهاب والتطرف، خاصة أن الإعلام هنا لا يميز فى تلك الوقائع بين الشخص وعقيدته ويربط دائما ما بين المتطرفين والإسلام وكان علينا أن نعلمهم أن ليس كل مسلم يفكر ويتصرف بتلك الطريقة أو هذا المنهج وأن نوضح لهم أن الإرهاب ليس له دين وترفضه الإنسانية لذلك قمنا بتنفيذ برامج للتواصل مع جيراننا من أصحاب الكتاب من النصارى واليهود وحتى مع البوذيين والهندوس وغيرهم لتعريفهم بالصورة الحقيقية للإسلام وكيف أثرت حضارتنا الإسلامية فى ازدهار الغرب فى العصور السابقة، إضافة إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة عن ديننا ومجتمعنا الإسلامى من خلال حوار الأديان وتبادل الزيارات ليعرفوا عن أصول ديننا السمحة وأننا أشخاص طبيعيون نعيش حياة طبيعية مثل أى إنسان على وجه الأرض وندعوهم لمشاركاتنا أعيادنا، ونشاركهم أعيادهم، فالإسلام برىء مما يحدث على يد المتطرفين الذين يشوهون الدين.

وأضاف أنه مع تكرار تلك الأحداث التى يكون طرفها مسلما يواجهنا مزيد من الصعوبات التى تتطلب منا المزيد من بذل الجهد، فلدينا كمجتمع وعالم إسلامى الكثير لنقوم بفعله ولا يصح أن ننعزل عن الآخرين ونرفض التعامل معهم لاختلافهم الثقافى أو الدينى أو لسلوكياتهم التى لا تتفق معنا، لأن من يحاسب العباد هو الله الذى خلقنا قبائل مختلفة لنتعارف ونتعايش معا فى مودة ورحمة.