هناك تاريخ لم يكتبه أحدنا، هو (1/1/1).. أول يوم في أول شهر في أول عام خلقت فيه الدنيا..
كان هذا يوم زفاف في التاريخ إلى الأرض، ويوم زفاف حواء إلى آدم.. يوم بداية الحياة البشرية.
وكان العرس مقصوراً على آدم وحواء كان الشاهد الوحيد هو الله تبارك وتعالى، أمّا الملائكة فراحوا يتأملون - بدهشة البراءة – هذه الخليقة الجديدة التي تعرف الحب رغم الرداء الترابي الذي ترتديه..
هذا هو الزواج الحقيقي الذي لم يحضره أحدنا وليست له صورة عند أحدنا..
ماذا كتب آدم في دبلة الزواج، ومذا كتبت حواء في دبلتها؟، لماذا لم يكتب أحدهما هذا التاريخ (1/1/1) ؟..
لم تكن هناك دبلة ولا زواج، كان هناك ارتباط بغير زواج، كان هناك عناق روحي دائم، كان هناك أول يوم من أول شهر من أول عام خلقت فيه الدنيا، أي جمال كان لهذا اليوم غير جمال البراءة والحزن..
خرج آدم وحواء من الجنّة وهبطا إلى الأرض. لم يكن في الجنة شهور ولا أيام ولا سنوات ولا شمس ولا زمهرير ولا مرض ولا موت ولا هموم، ثمة خلود فحسب، والخلود لا يعرف هم القلق أو الحساب، ثم هاهما ينزلان إلى الأرض، والأرض مخاطرات محسوبة وصراع وهلاك..
أدرك آدم و حواء أنهما يبدآن حياة جديدة تماماً.. لقد هبطا من الجنة وعصى آدم ربّه فغوى ثم إجتباه ربه فتاب عليه وهدى.. نسى آدم أنه جائع، وفكر: ماذا يقدم من طعام لهذا اليوم الأول؟.
دموع الندم
لاشيء في مكنته غير دموع الندم..
بكى الجد الأعلى للبشرية.. كان يبكي ذكريات أيام الصفاء الأول، وكان يبكي ما فقده من ثمار جنة الطاعة والقرب، وهي ثمار كان مذاقها مازال عالقاً بفؤاده..
بوصفي حفيداً لآدم، مازلت أحس بالحنين لهذا اليوم الأولى من الشهر الأول من العام الأول من بدء الحياة..
أي براءة كانت لهذا اليوم، وأي عرس تم فيه، وأي سر خبّأه اليوم وانطوى عليه.. وأي أفراح بكر كانت تلون ثوانيه ودقائقه وساعاته..
كانت الشمس عذراء لم تزل، وكانت حواء عذراء، وكان آدم يغسل بدموع الندم واحتراق القلب بالحنين هذه الساعات الأولى.. ومرت الدهور والحقب وصار اليوم حلماً..
أمّا من سبيل لإيقاظ الحلم وبعثه والحياة في محارة البراءة؟.. أما من سبيل؟
لـــ أحمد بهجت
كتاب تأملات في عذوبة الكون