مضي زمن غير بعيد علي اخر لقاء جمع بينهما....كان الجو ماطرا والرياح عاصفة ..رعد هنا وبرق هناك..شتاء قارس..الشوارع خالية الا من عربات تركها اصحابها رغبة في النجاة من ذلك الصقيع والغرق المقبل...كان متيقنا ان الطبيعة تحالفت مع وداعها عصفا ..برقا ورعدا..لكنها ترفقت به ..امسكت بذراعه..منحته دفئا انساه شيئا من طقس اللحظة..وهبته نظرات هادئة كانت كفيلة بطمانته..نظرات عتاب القاها علي صفحات وجهها المبللة ..ربما اختلط الدمع بماء المطر..لم يشا ان تعاهده علي عودة اشراقتها اليه..من النبل ان لا يفعل..عاهدها ان تبقي شريانا في اوردته..ظلا في حناياه..رعشة في يديه..حاول ان لا ينظر في عينيها..قبلها دون ملامسة..ادار وجهه بعيدا صوبها...عاد ادراجه..عند قدوم الليل يعانقها..يحاكيها..ينظر اليها خلسة..تتكسر اعينه في استحياء حين يطيل النظر اليها ..يخبرها عن ما كان وسوف يكون..تشكو اليه ما عانته وما اسعدها..يعودان لازمنة صنعاها سويا....تلقي براسها علي صدره..تتدلي خصلات شعرها علي جبينه فيرتد نوما....تاتيه في حلتها البيضاء طيفا يخضر له قلبه..ترقد فوق مساماته فتزيل عجاف السنوات..يذكرها عند صياح الديك..يستقظ ..كل صباح يروي تلك الشجرة التي اعطاها اسمها..يتامل تفتح زهراتها..اكتمال ثمراتها..اخضرار اوراقها..اهتزاز اغصانها..رسوخ جذورها..نضارتها..ظلالها..سخاءها..شموخها..صفاء الوانها..يتذكرها..يمسك براسه ..يغمض عينيه ,.. متاوها ...وجلا يخاطبها:اما كفي؟
يرتد اليه الصوت:انا معك