الحفاظ على الأرواح والممتلكات هى إحدى مطالب الشعوب الحرة التى ينبغى الخضوع لإرادتها، خاصة إذا كانت حكومتها تعطى للمواطنين قدراً ولحياته أهمية وتعمل على توفير السبل الكافية لسلامة وأمن الأفراد باعتبارهم ثورة المجتمع الداعمة للنهضة واللحاق بركب الدول المتقدمة.
كلنا يعلم أن أى مصرى ينظر بصدق إلى واقع المجتمع المصرى يجد فساداً عارماً وخلافاً تاماً لما تنص عليه العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان فى شتى المجالات، لكن أن يتعدى الأمر إلى حياة الفرد ذلك هو الخطر الحقيقى الذى نأمل أن يتم تلافيه، وأن ينعم كل مصرى بحياة آمنة مستقرة فى ظل ما تشهده الساحة المصرية من مشكلات عديدة أهمها تلك التى تتعلق بالأمن الغذائى على سبيل المثال، الأحداث الأخيرة بشأن استيراد القمح الفاسد وما أثاره من تساؤلات عديدة لابد من طرحها من أجل الوقوف على حقائق الأمور، ولنعلم جميعاً على من تقع مسئولية عشوائية هذا الاستيراد للقمح وغيره من الأغذية غير الصالحة للاستهلاك الآدمى؟
خاصة بعد أن أرجعت الحكومة عدم الاكتفاء الذاتى من محصول القمح لندرة الأراضى والمياه، وهناك 3 ملايين فدان بالساحل الشمالى وما يقرب من 400 فدان بشمال سيناء تصلح تماماً لزراعة القمح، فضلاً عن مليارات الأمتار المكعبة من المياه التى تزخر بها بحيرة ناصر، كما أن انخفاض مستوى المياه الجوفية فى الصحارى المصرية يرجع إلى المنتجعات التى يقيمها أصحاب الحظوة والمقربون من الحكومة، ناهيك عن تساهل حكومتنا مع واضعى اليد على الأراضى الزراعية الذين يقومون بتسقيعها واستخدامها فى مشروعات البناء لخدمة أغراضهم.
ودعونا نتساءل عن المشروع الإنمائى لتطوير البيئة الصحراوية الذى كان مدرجاً فى خطة الحكومة من عام 1991 وحتى عام 2012 بهدف زراعة نصف مليون فدان من القمح أين ذهبت به الريح؟ ومن أجل مصلحة من تقوم الحكومة بدفع ملايين الجنيهات من خزانة الدولة لصالح كبرى الشركات المستوردة بتحميلها فروق العجز فى الشحنات الواردة وعجزها على مدى سنوات عديدة عن استلام مستحقاتها المالية؟
ولما المماطلة فى تقديم تعهدات زمنية للوصول للاكتفاء الذاتى من القمح على المدى القريب أو البعيد؟ ثم أين دعم الحكومة للفلاح المصرى رأس الثروة الزراعية وتشجيعه من أجل توسيع نطاق زراعة القمح وغيره من المحاصيل التى نقوم باستيرادها من خلال الجمعيات الزراعية الخاصة بالقرى المصرية وسهولة توصيل الخدمات إليه وبأسعار مناسبة؟ وما جدوى إهدار المال العام من خلال استصلاح آلاف الأفدنة فى توشكى بتكلفة مليارات الدولارات، وبيع الفدان بأثمان زهيدة؟ ومن ذا الذى سيحاسب على شحنات القمح التى قد يتم إعدامها؟ وكيف تدخل شحنات القمح ميناء دمياط والحجر الزراعى والصحى يؤكدان عدم صلاحيتها؟ ولما هذا الاستخفاف بحياة المواطن المصرى؟ وهناك العديد من الأسئلة لن يتسع بى المقام لذكرها ولذلك أقول: لابد وأن يعلم القائمون على أمر هذا البلد أنه إذا كانت الأغلبية قد صفقت لهم اعتباراً منهم بانتهاء مزيف لأزمات عديدة فعليهم أولاً قبل الهتاف والتصفيق أن يتحكموا فى الواقع المصرى بما يحويه من فوضى وعشوائية، فذلك هو عين الحقيقة فى كل المجالات ومثل هذه الصفقات المشبوهة تضعنها أمام العالم وأنفسنا فى صورة مخجلة، فالصورة العامة لهذه المواقف تظهر أن حياة المصرى أصبحت بلا ثمن فى وطنه، وإذا كان الأمر هكذا فماذا ننتظر من المجتمعات الأخرى فى معاملتها للمصريين؟
لذا أناشد الحكومة أن تجعل سلامة المواطن فى أولى اهتماماتها وأن تحاسب كافة المسئولين عن هذه الجرائم المؤسفة، وأن تعمل بجدية على حماية أمن مصر الغذائى وعدم تعريضه للخطر باستيراد نفايات العالم بعشوائية ولا مبالاة بالحالة الصحية لأبناء مصر من خلال توفير أجهزة دقيقة للكشف عن صلاحية المحاصيل المستوردة ومطابقتها للمواصفات الخاصة بالاستهلاك الآدمى، وأود ألا تحدث مثل هذه الأفعال المستنكرة فكفى مصر ما بها من أمراض وأوبئة فلن تحدث تنمية مصرية شاملة إلا بتوافر إرادة سياسة جادة تهدف إلى نهضة زراعية حقيقية من خلال توسيع نطاق زراعة القمح وغيره من المحاصيل التى يتم استيرادها وتشجيع دائم للفلاح المصرى وتوفير كافة السبل والإمكانات من أجل راحته وتوفير عائد مادى جيد يجعله يشعر بجدوى العمل بالزراعة قبل أن يجبر ابنه أن يخلع جلباب أبيه فتهوى مصر جميعها فى مستنقع الفقر ولن تجد آنذاك من يقدم لها يد العون والمساعدة.